إن من المسلم به أن العلم هو أساس نهوض الحضارات على مر العصور، فهو الوسيلة التي نهضت بالقبائل العربية لتزعم العالم، وبها وصل العالم الغربي حاليا الى مرتبة لم يكن ببالغها الا به، لكن أن تتحول هذه الوسيلة الى سبيل للتخلف فهذا غير معقول ! كيف للعلم ان يجعل من أمة متخلفة ! سأجيب ببساطة الخلل ليس في العلم، بل في طريقة طلب العلم، بكل بساطة إنها أنظمتنا التعليمية البدائية في العالم العربي التي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب ولا تتماشى مع متطلبات العصر، فمازلنا نعتمد على وسائل بدائية تقليدية لإيصال المعلومة في حين قد وصل الغرب الى احدث التقنيات في التعليم والمواكبة لتطلعات المتعلم، فكانت سببا في انكباب الطالب الغربي على التعلم، وعلى الطرف الآخر أدى انحطاط الانظمة التعليمية الى نفور المتعلم من طلب العلم وكرهه له، فأين تكمن العلة ؟
أين تكمن العلة ؟
إن موطن العلة يكمن في إرسال ذوي الستة أعوام إلى الدراسة دون سابق تحضير نفسي لذلك، فيجد ذلك التلميذ البريئ نفسه بعيدا عن أهله ومنزله الدافئ وسط العشرات من الاطفال الآخرين الذين لا يعلمون حتى سبب وجودهم في هذا المكان ! فلماذا لا نساعدهم للاعتياد على المدرسة وتغيير نظرتهم إليها، لماذا نجبرهم على الذهاب إليها بالقوة دون مراعاة سبب رفضهم لفكرة المدرسة، هل تعتقدون أنه سيغير عادة نشأ عليها لست سنوات بسهولة ؟ فكيف له فجأة أن يصبح قادرا على الاستيقاظ كل صباح ليفارق أهله وبيته ؟ من هنا تبدأ أول ملامح كرهه للمدرسة.
بالإضافة إلى ضخامة المقررات الدراسية بالنسبة لتلميذ في سن ست سنوات، انهم لا يتقنون الحروف فكيف لهم قراءة كتاب ! لا أدري من صاحب هذه الفكرة السيئة لكنه حتما لم يتلقى تعليما مفيدا في حياته. ومما يزيد الأمر سوءا غياب منهجية واضحة متبعة من طرف الأستاذ في إيصال الفكرة للتلميذ وعدم مراعاة ظروفهم، ولربما ينهال بالعبارات المسيئة لأحدهم إن هو أخطأ في أمر ما، وهو لا يدرك أن تلك الكلمات ربما هي بداية ابتعاده عن المدرسة وإعتقاده بأنه فاشل لا يصلح لشيء في هذه الحياة.
في خضم هذه الاحداث يصطدم التلاميذ بعقبة الامتحانات الفصلية المصيرية، وهو لا يعرف المسؤولية، فيكف يتحملها ! ما ذنب الذي يفشل في الإمتحانات وهو صغير لسبب ما منعه من ذلك، ألا يستحق متابعة تعليمه! أليس من الضرورة النظر إلى أسباب ذلك وإصلاح الخلل، أ بهذه السهولة نفرط في مليار خلية عصبية، ألا ندرك أن هذا الطفل سيصبح بطالا عالة على الدولة في المستقبل !
إلى أين ؟
يكبر هذا التلميذ و يواصل معاناته مع التعليم، وتمر عليه السنوات تباعا، وهو يعاني خلال فترة طلبه للعلم التي من المفروض ان تكون اجمل لحظات عمره، ينشأ على عبارات : "ذاكر جيدا لتسبق زميلك الذي تغلب عليك في معدل الفصل الماضي، احذف الترفيه من حياتك حتى لا تتقدم عليك زميلتك ، تحمل يا رجل فأنت في السنة الأخيرة ويجب أن تحرز أعلى الدرجات لتكون أول الدفعة وتحصل على الامتياز والتقدير."
هل هذا هو حقا الحافز المناسب لدفعهم للدراسة ! بالتأكيد لا فيجب إعادة النظر في هذه النقطة فنظامنا التعليمي يدفع التلاميذ سوى لتلقي المعلومة وإرجاعها في الإمتحان، المهم هو في نظرهم هو نيل شهادة عن طريق تلقينهم بعض المعلومات في المقررات الدراسية يحفظونها كالببغاء ويردونها كما أخذونها تماما في الإمتحان، ومبروك عليك لقد حصلت على تلميذ متفوق حائز على شهادة جامعية لكنه محدود الثقافة، من فضلكم أخبروهم أنهم يقتلون الإبداع.
هل هذا هو حقا الحافز المناسب لدفعهم للدراسة ! بالتأكيد لا فيجب إعادة النظر في هذه النقطة فنظامنا التعليمي يدفع التلاميذ سوى لتلقي المعلومة وإرجاعها في الإمتحان، المهم هو في نظرهم هو نيل شهادة عن طريق تلقينهم بعض المعلومات في المقررات الدراسية يحفظونها كالببغاء ويردونها كما أخذونها تماما في الإمتحان، ومبروك عليك لقد حصلت على تلميذ متفوق حائز على شهادة جامعية لكنه محدود الثقافة، من فضلكم أخبروهم أنهم يقتلون الإبداع.
بعدما تنال شهادتك الجامعية وتحقق أعلى الدرجات في منظورهم، حتى تجدهم يطالبونك بالحصول على وظيفة جميلة والحصول على راتب جيد يضمن لك البقاء على قيد الحياة، ثم بعد ذلك تجد رئيسك في العمل يطالبك بأن تنافس زميلك فلان في العمل فهو أحسن منك، ثم تنافس الشركة المنافسة، وتكمل حياتك وأنت تنافس منذ أن بدأت المنافسة في الصف الأول الإبتدائي، ثم تكبر في السن وتشيب ومبروك عليك هذه الحياة التعيسة.
في الحقيقة هذه هي الحياة التي يريدونك أن تعيشها، يوهمونك أنك لتحصل على حياة جميلة هو أن تحصل على معدل جيد، وتنافس زملاءك في ذلك، وكأن هدفك هو أن تعرف أنك أفضل من غيرك ! هذا النموذج هو الذي يتبعه أغلب التلاميذ وبالتالي فالنتيجة متوقعة حياة تعيسة خالية من أي إنجاز يذكر، لا يوجد مبدعون ولا مفكرون ولا حتى مثقفون، ونبقى نغرق في التخلف.
الحل هو أن تمسك شهادتك الجامعية وتسد بها النافذة المكسورة في غرفتك، أو أن ترسلها إلى مصانع إعادة الهيكلة، فعليك أن تبدأ حياتك من جديد ضع لنفسك هدفا، ماذا تريد ؟، كيف تصل لذلك ؟، ضع خطة واضحة لتحقيقه، عش حياتك كما تريد أنت لا كما يريد غيرك ولا تلتفت إلى أحد آخر، فمرحلة التعليم قبل وأثناء وبعد الجامعة لا علاقة لها بالحياة الحقيقة وليست هي من يحدد فشلك من عدمه، فأغلب العلماء والناجحين لم يكونوا الأوائل في صفهم ولم يكونوا متفوقين في الدراسة بل هم درسوا الحياة وتفوقوا فيها، لا تكن رقما عاديا كمن سبقك، أدمن القراءة والمطالعة أكثر من مشاهدتك للتلفاز أو تصفحك لمواقع التواصل الإجتماعي، إسأل وامتلك الفضول، ولا تصدق كل ما تسمعه من وسائل الإعلام والتلفاز، توقف عن لعب المزرعة السعيدة وابدأ في قراءة النظرية النسبية..... خلاصة القول اعتمد على نفسك ولا تتبع هذا النظام الفاشل في انتظار أن تصل أنت ربما إلى الحكم وتقوم بتغييره.
0 التعليقات:
إرسال تعليق